هل عودت نفسك على تضارب العواطف , وتباين المشاعر داخلك فى نفس اللحظة مثل ذلك الذى يستطيع أن يبكى ويضحك فى نفس الوقت ؟ هل تعاملت مع الناس على مختلف مستوياتهم الذهنية والفكرية والثقافية والعلمية فوجدت أن الذى يحبك الآن يمكن أن يكرهك بعد ساعات , وقد يكون السبب غير معروف لك ؟ وقد يتحول الإنسان من شخص يدافع عنك , وينحاز لقضيتك , ويواجه كارهيك بكل قوته , ولكن فجأة وبدون سابق إنذار تحول للضد والعكس تماماً لأسباب لم يطلعك عليها , ولم تدركها , وقد يمر وقت طويل جتى تعرفها ثم تكتشف أنه ظلمك وكرهك وعاداك بغير سبب وجيه , وأنه انقاد وراء الكلام المغرض والفتن السفيهة ولم يتريث فحطم كل شىء جميل كان يربطك به , وحول الصداقة إلى صفاقة والمحبة إلى مسبة , والوئام إلى خصام , فهل عشت تلك الأحاسيس ومستك نارها المحرقة , واكتويت بلظاها الشديد ؟
هل سهرت ليلك تتساءل فى جنون : ماذا فعلت له لكى ينقلب هذا الإنقلاب ويحيل ما بيننا من سعادة إلى تفكك واكتئاب , هل وصلت بك الدرجة أن تسأل أشخاصأ لا يعرفون شيئأ عن مدى حبك وصدقك مع إنسان ما , أن تسألهم كيف تسنى له أن يركب موج الغدر , وأن ينسى الصداقة والمحبة والشهامة والرجولة التى جمعت بينكما ثم ينقلب على عقبيه ليخسر كلاكما صديقاً عزيزاً وسنداً فريداً فى حياته ؟؟
إنه الصديق وإنه الإنسان وتركيباته النفسية المعقدة التى قد تحتوى فى ذاكرتها على مخزونات نفسية محصورة داخل اللاشعور ولا تجد متنفساً لها إلا فى ذلك الوقت وتلك اللحظة التى ينجح فيها أحد شياطين الإنس فى الإيقاع بينكما عامداً متعمداً قتل الصداقة التى ربما يكون هو- شيطان الإنس- محروماً من مثلها وغير قادر على الوصول لصديق عزيز فيدبر لكما مكيدة بأساليبه العديدة الفريدة حتى تسقط الصداقة صريعة الكراهية والحقد وهكذا يسعد هو ويصل لمأربه الخبيث وهدفه الخسيس فى قطع أواصر المحبة , وروابط الوفاق التى تجمعك مع أحد الطيبين المخلصين فى زمن ردىء شح فيه هذا الصنف وزاد وفاض الصنف الردىء الخبيث .
قال أحد الشعراء العباقرة الذين قدروا حق الصداقة والصديق :
صديقك الحق من كان معك
ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان ضيعك
شتت نفسه فيك ليجمعك